منذ ما قبل إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، طُرحت في العديد من الأوساط السياسية معادلة أن المطلوب إنجاز ​الإستحقاق الرئاسي​ قبل هذا الموعد، على قاعدة أن من غير الممكن إنتقال الشغور الرئاسي إلى هذا الموقع، على أساس أن واشنطن لم تكن توافق على إنتقاله إلى الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، لكن هذا الأمر لم يحصل، لا بل تسلم الأخير الموقع من دون أي تداعيات تذكر، على عكس ما كان يُروَّج له.

اليوم، الأمر نفسه يتكرر، بالنسبة إلى موعد إنتهاء ولاية قائد الجيش ​العماد جوزاف عون​ في بداية العام المقبل، حيث هناك من يؤكد أنه لا يمكن تجاوز هذا التاريخ من دون الوصول إلى تسوية على مستوى الإستحقاق الرئاسي، خوفاً من التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك، لكن هل هناك من مؤشرات تؤكد هذا التوجه؟.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الواقع على مستوى ​قيادة الجيش​ يختلف، نظراً إلى الشغور القائم على مستوى رئاسة الأركان، الذي يقود إلى تناقض في وجهات النظر حول الجهة التي من الممكن أن تتسلم الصلاحيات، في حال إنتهاء ولاية عون قبل الإتفاق على إسم الرئيس المقبل، وبالتالي هناك معضلة حقيقية في هذا المجال، من المفترض المسارعة إلى معالجتها.

وتلفت هذه المصادر إلى أنه في سبيل ذلك هناك عدة مخارج يتم التداول بها، وكل منها يصطدم بمجموعة من العراقيل: الأول هو أن يُصار إلى تمديد ولاية قائد الجيش، عبر إقتراح قانون، الأمر الذي سيقود إلى إنقسام بين الكتل حول حق المجلس في ذلك والقدرة على تأمين النصاب اللازم، أما الثاني فهو أن يُصار إلى تعيين رئيس جديد للأركان، لكن المسألة ليست سهلة، بسبب ضرورة مرور ذلك عبر وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، إلى جانب الخلاف حول حق هذه الحكومة بإجراء تعيينات، أما الثالث فهو أن تنتقل الصلاحيات، كما يطرح "​التيار الوطني الحر​"، إلى الضابط الأعلى رتبة، ما ترفضه العديد من الجهات السياسية.

إنطلاقاً مما تقدم، تعتبر المصادر نفسها أن من المنطقي الحديث عن أن هذا الإستحقاق ضاغط على مختلف الأفرقاء، سواء المحليين أو الخارجيين، نظراً إلى أن الجميع يتفق على ضرورة عدم المس بالإستقرار الأمني، الأمر الذي قد يدفعهم إلى تقديم تنازلات معينة، بهدف تفادي الشلل على مستوى قيادة الجيش، لكنها تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية حصول ذلك، حيث لا تستبعد أن تقود النكايات إلى السيناريو الكارثي.

من وجهة نظر المصادر النيابية المطلعة، هذا الواقع يبرر الحديث، في المرحلة الراهنة، عن ضرورة إنجاز الإستحقاق الرئاسي خلال مهلة شهرين، الأمر الذي لا ينفصل عن الدعوات، التي برزت خلال إجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك، إلى وضع إطار زمني للمبادرة الفرنسية، حيث تفيد المعلومات بأن الولايات المتحدة كانت حاسمة في هذا المجال، خصوصاً أنها تعتبر المس بقيادة الجيش من الخطوط الحمراء.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الفشل في تحقيق هذا الهدف، خلال وقت قريب، سيدفع إلى تقدم أحد المخارج المتعلقة بقيادة الجيش المذكورة في الأعلى، على إعتبار أن "المغامرة" من غير المسموح أن تصل إلى هذا الحد، لا سيما أن الأحداث الأمنية المتنقلة، التي كانت قد سُجلت في الفترة الماضية، أكدت أنه لا يمكن الركون إلى الحديث المتكرر عن أن الإستقرار الأمني مضبوط، بل أن المسألة تتطلب بذل الكثير من الجهود من أجل تثبيت ذلك.

في المحصلة، ترجح المصادر نفسها أن تكون التسوية المنتظرة على رئاسة الجمهورية، على عكس الأجواء السائدة في الوقت الراهن، نظراً إلى أن الضغوط، التي تصب في هذا الإطار، سوف ترتفع وتيرتها في المرحلة المقبلة، وتعتبر أن التشدد، الذي برز في الآونة الماضية، يأتي في إطار تحسين الشروط.